أدباء وكتاب غيروا التاريخ

في كل عصر، هناك مجموعة من الأدباء والكتاب – يطلق عليهم "قادة الفكر"- لأنهم استطاعوا أن يحدثوا "ثورة" بين الناس، بأفكارهم التي وضعوها في كتبهم ولاقت قبولاً من القراء وعملوا بها.
كان لبعض الكتب والروايات أثرها الكبير في توعية الناس وتصحيح مسارهم، والإحساس بالظلم الذي يقع عليهم، فكانت هذه الكتب والروايات دافعاً لهم للقيام بالثورات التي ترجع إليهم حقوقهم المسلوبة.
من هذه الكتب والروايات:
"كوخ العم توم" الذي أدى إلى تحرير العبيد
"أشعار طاغور" التي دعت إلى السلام ونبذ الحروب
"العقد الاجتماعي" الذي أدى إلى قيام الثورة الفرنسية ليحكم الشعب بنفسه
"الحرب والسلام" التي أوضحت أحداثها مدى بشاعة الحروب
.. وغيرها الكثير

ستو... وتحرير العبيد
هاربيت بتشر ستو (1811-1896) كاتبة أمريكية، يقترن اسمها خاصة بروايتها "كوخ العم توم" التي لقيت نجاحاً هائلاً في الولايات المتحدة والعالم كله، لأنها ترفض فكرة العبودية التي سادت في ذلك الوقت.
كانت رواية "كوخ العم توم" التي تحكي المآسي التي كان يتعرض لها العبيد، أحد أسباب الحرب الأهلية (1861-1865) التي نشبت في الولايات المتحدة بين الشمال –الذي يرفض فكرة وجود عبيد- والجنوب، الذي يؤيد فكرة العبودية. وانتصرت في النهاية فكرة تحرير العبيد.
من أهم روايات "ستو" التي حاربت بها أيضاً فكرة وجود العبيد في الولايات المتحدة، رواية "المستنقع الهائل الموحش" (1856)، لكنها لم تنل شهرة كبيرة مثل "كوخ العم توم".
حرصت ستو على كتابة روايات وقصص قصيرة، تؤرخ لماضي الولايات المتحدة ، ومن هذه الكتب "لؤلؤة الجزيرة" (1862) و " أهل المدينة القديمة" (1869)

طاغور.. دعوة للسلام:
ولد رابندارات طاغور (1861-1941) في كلكتا بالهند، وهو من أسرة ثرية، درس القانون في إنجلترا ثم عاد إلى الهند ليدير أملاك والده.
أسهم في الحركات الوطنية بالهند، بكتاباته وأشعاره التي تنبذ العنف وتؤكد على أهمية السلام وأنه الوسيلة لتحقيق كل الأهداف.
كتب طاغور حوالي ألف قصيدة شعرية بأسلوب جديد ومتميز، ونحو 25 مسرحية عن الأحوال الاجتماعية في الهند وأهمية تحقيق السلام، بالإضافة إلى عشرات الروايات والقصص القصيرة.
اهتم طاغور بالتعليم، وكانت أفكاره في هذا المجال، تنحصر في مزج مزايا التعليم الحديث بالتقاليد القومية الأصيلة في الهند.
حارب طاغور فكرة التعصب التي كانت سائدة بين الطوائف المختلفة في الهند، ودعا إلى المحبة الإنسانية ككل.
حصل طاغور على جائزة نوبل للآداب عام 1913 عن مجموعة من الأشعار أطلق عليها "جيتنجالي" وترجمت إلى اللغة الإنجليزية.

روسو.. والثورة الفرنسية
يعد جان جاك روسو (1712-1778)، أحد أهم المفكرين في القرن الثامن عشر بفرنسا، لإسهاماته المتميزة في التمهيد للثورة الفرنسية (1789) التي أثرت أيضاً في أوروبا، بل وفي العالم كله.
كان روسو فيلسوفاً وسياسياً وعالم تربية وموسيقياً، علم نفسه بنفسه نظريات الموسيقى. ومن أهم مؤلفات روسو كتاب "العقد الاجتماعي" و "اعترافات جان جاك روسو" ويؤكد روسو في كل كتاباته، بأن الإنسان يمكنه أن يحقق الحرية ، إذا دخل في عقد اجتماعي، أي تكون السيادة للمجتمع بأسره.
يرى روسو، في كتابه "إميل" ، بأنه يجب أن تترك للطفل الفرصة، لتنمية مواهبه الطبيعية دون تدخل، حتى ينشأ حراً في اختياراته عندما يتفاعل مع المجتمع.
كان روسو ينادي دائماً بحق الشعب في الحكم، وعدم سيطرة الظلم على المجتمع وأن تكون الحقوق والواجبات للجميع بالتساوي في إطار عقد يوافق عليه المواطنون هو "العقد الاجتماعي".

تولوستوي.. والإصلاح الاجتماعي
ليو تولوستوي (1828-1910) فيلسوف وكاتب روسي. حقق شهرة كبيرة بكتبه الأولى، التي كانت عبارة عن سير ذاتية، وتشمل "الطفولة" (1852) و " الصبا" (1854) و "الشباب" (1857)
كتب تولستوي "القوازق" 1863 و "الحرب والسلام" التي يعدها نقاد كثيرون أعظم الروايات التي كتبت على الإطلاق. وهي تحكي عن حروب نابليون القائد الفرنسي.. و "أنا كارنيا" (1875-1877) ، وهي مأساة أخلاقية في مجتمع دون قيم.
كان تولوستوي مؤمناً بالمحبة بين البشر وبالمقاومة للشر ومساعدة الفلاحين البسطاء على الحياة بكرامة وعدم استغلالهم بواسطة النبلاء أصحاب الأراضي.
لقيت أفكاره اهتمام الكثيرين في كل أنحاء العالم، خاصة اعتقاده بنبذ العنف والحياة البسيطة، وجسد هذا في عدة روايات ومسرحيات مثل "قوة الظلام" (1886).
اهتم –في أواخر أيامه- بعلم الأخلاق وإصلاح المجتمع والتقشف، حتى أنه حاول التنازل عن كل أملاكه للفلاحين.