بعير يشكو .. وشجرة تمشي

سار البعير بهدوء وامتثال، يحمل الماء على ظهره، صابراً على ما يبذله من جهد، وما يتعرض له من مشقة، وفجأة .. ظهرت عليه أمور عجيبة ! فقد رأى البعير رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان ماضياَ في طريقه مع أصحابه، بدا البعير وكأنه يستجير برسول الله صلى الله عليه وسلم ! فماذا فعل؟!
جرجر البعير، أي ردد صوته في حنجرته، من شدة الضيق والضجر، ثم وضع عنقه على الأرض، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقف بالقرب منه، وقال: أين صاحب هذا البعير؟
أقبل صاحبه امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرض النبي عليه أن يشتريه منه، إذ قال له: بعنيه، فقال له الرجل: لا.. بل نهبه لك، إنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره ... ليس لهم مصدر رزق غيره.
قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: أما إذا ذكرت هذا من أمره.. أي إذا كنت قد ذكرت هذا، فإنه أي البعير، شكا كثرة العمل، وقلة العلف، فأحسنوا إليه.
انتهى موقف البعير، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مواصلاً رحلته، ومعه أصحابه الكرام، ثم نزلوا بمكان في الطريق فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبينما هو نائم، رأى الصحابة من حوله عجباً، رأوا شجرة تشق الأرض...تسير في طريقها نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقتربت منه حتى غشيته، ثم رجعت إلى مكانها، كأنها إنسان يسعى!
فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم أخبره الصحابة بما حدث، فقال لهم: هي شجرة استأذنت ربها عزوجل في أن تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لها.
واصل الصحابة سيرهم بعد ذلك حتى مروا بماء يمكن أن يأخذوا منه حاجتهم، فيشربوا ويسقوا دوابهم، فجاءتهم امرأة بابن لها كانت به جن، أي جنون أو: مس من الجن، فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخر الغلام، وقال: أخرج إني محمد رسول الله، ثم مضوا مواصلين سفرهم.
فلما كانوا في طريق العودة، ومروا بالمكان نفسه، جاءت تلك المرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ومعها شاة ولبن، فأمرها النبي أن ترد الشاة وأمر أصحابه أن يأخذوا منها اللبن.
سألها النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنها، فقالت: إنه بخير، ولم يصبه سوء منذ ذلك اليوم، الذي رآه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.