قصة نبينا يونس -عليه السلام-
نبذة:-
أرسله الله إلى قوم (نينوى)فدعاهم إلى عبادة الله وحده ولكنهم أبوا استكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليالٍ فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ،أما يونس فخرج في سفينة وكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثاً على يونس فرمى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وأوحى الله إليه أن يأكله فدعا يونس ربه أن يخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أو يزيدون.
سيرته:-
كان يونس بن متى نبياً كريماً أرسله الله إلي قومه فراح يعظهم، وينصحهم، ويرشدهم إلي الخير، ويذكرهم بيوم القيامة، ويخوفهم من النار، ويحببهم إلي الجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلي عبادة الله وحده.وظل ذو النون- يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد.
وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضباً وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام، ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس.
ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر.
وقد قال أهل التفسير:-
بعث الله يونس -عليه السلام- إلي أهل (نينوى) من أرض الموصل.
فقاده الغضب إلي شاطئ البحر حيث ركب سفينة مشحونة.
ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم.
فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا علي ما كان منهم إلي نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلي الله
-عز وجل- ، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات.
وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين. فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم.
أمر السفينة:-
أما السفينة التي ركبها يونس –عليه السلام- فقد هاج بها البحر، وارتفع من ولها الموج. وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة. وأنه لا بد أن يلقي في الماء لتنجو السفينة من الغرق. فاقترعوا علي من يلقونه من السفينة. فخرج سهم يونس - وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادوها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر.
فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها، وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له.
وأوحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحماً ولا يكسر له عظماً. واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس داخل بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة أيام.
يونس في بطن الحوت:-
عندما أحس بالضيق في بطن الحوت في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل-سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين.قال سبحانه وتعالى:- (لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين).فسمع الله دعاءه واستجاب له.فلفظه الحوت.(فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلي يوم يبعثون). وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً علي الشاطئ. وأنبت الله عليه شجرة قرع، قال بعض العلماء في غاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه الذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلي آخره نياً ومطبوخاً، وبقشره وببذره أيضاً. وكان هذا من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك. فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً.
فضل يونس-عليه السلام-:-
لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها:-قول النبي (صلى الله عليه وسلم) "لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى".وقوله عليه الصلاة والسلام:-"من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب".
ذنب يونس – عليه السلام-:-
نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس. هل ارتكب يونس ذنباً بالمعنى الحقيقي للذنب؟ وهل يذنب الأنبياء. الجواب أن الأنبياء معصومون.. غير أن هذه العصمة لا تعنى أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتاب. المسألة نسبية إذن.
يقول العارفون بالله:-إن حسنات الأبرار سيئات المقربين..وهذا صحيح. فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة. لو صدر التصرف من أى إنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنه يثاب عليها. فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين.
ولكن يونس نبى أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ.
خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم الله له وعقابه.
إن الله يلقن يونس درساً في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلي الله فقط. هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لا يؤمنون.
ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه. لقد آمنوا به بعد خروجه..ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه..غير أنه كان متسرعاً .:.وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس،وإنما اندفع إلي الخروج كراهية لهم لعدم إيمانهم .. فعاقب الله وعلمه أن على النبى أن يدعو لله فحسب. والله يهدى من يشاء.