عندما أطلق السيد علاء مبارك نجل رئيس الجمهورية مبادرة "في حب مصر" التي تهدف بالأساس لنبذ التعصب والإستمتاع فقط بروعة وسحر كرة القدم والإلتفاف حول علم مصر فقط بعيداً عن التعصب الأعمى للأندية، شعرت بشيء من الخوف، وسيطرت على مشاعري حالة من القلق، ذلك لأنني أعلم أن المبادرات في بلادي دائماً ما تنتهي بـ "معركة".
زخم إعلامي وأحاديث وحورات متواصلة تصدر من القيادات هنا وهناك، وإجتماعات تتبعها مؤتمرات صحفية .. الكل يطالب بنبذ التعصب والكل يدعو لرفع علم مصر .. الكل يكتب عن روعة المبادرة والكل يدعو لتطبيقها في جميع اللقاءت، حتى جاء السبت المنتظر ورأينا واقعنا الأليم عن قرب ودون رتوش.
فعند الوصول للإسماعيلي صبيحة هذا اليوم تشعر بحالة "الكبر" والغرور التي تغلف تصرفات الجماهير في مدينة السمسمية، فالشوارع مليئة بالافتات التي تؤيد السيد نجل رئيس الجمهورية وتشيد بدور المحافظ في تنفيذها، لكنك مع ذلك لا تستطيع أن تشعر بصدق النوايا ورغبة الجماهير الإسماعيلاوية في إنجاح المبادرة، فاللافتات لا ترحب بالأهلي ولا تحيي لاعبيه أو تؤكد بأنهم مرحب بهم داخل المدينة، فظهروا وكأنهم أجبروا على وضعها .
وفي الملعب تأكدت مخاوفي، فهاهو سيل من السباب والشتائم توقعته ينطلق من مدرجات الإسماعيلي صوب لاعبي الأهلي وجماهيرهم، وها هو شريف عبد الفضيل الذي ذهب للأهلي بالطرق الشرعية يتعرض لإهانات بالغة، وها هو الرد الغاضب يأتي من مدرجات الأهلي الذي أعتقدت جماهيره أن اليوم سيشهد نهاية لحالة الكراهية التي تسيطر على علاقة الناديين، والتي جسدتها ببراعة واقعة الإعتداء على حافلة فريقها بعد اللقاء دون أي مراعاة لمبادرات أو حتى إحترامها شكلياً فقط.
لقد فشلت مبادرة نجل السيد الرئيس، ورسبنا جميعاً في إختبار جديد وعجزنا عن إجبار الآخر على إحترامنا أو حتى توجيه رسالة ترد على إتهاماته لنا بعد مباراتي الجزائر، لإننا لم نستطع إحترام أنفسنا وتعاملنا مع التجربة باستهتار واستهزاء شديدين .. فشلنا في هذا اليوم ولن تكون هذه هي المرة الأخيرة، طالما كانت الجماهير تشكل أحد عوامل أي مبادرة وطالما كان الإسماعيلاوية بالذات أحد أطرافها.. فالى متى ستحمل جماهير الإسماعيلي كل هذا الحقد على الأهلي؟، وإلى متى يا جمهور الإسماعيلية ستعتبر الأهلي عدوك الأول؟، وإلى متى ستستعذب الشكوى وإتهام الغير بتخريب ناديكم وخطف لاعبيكم رغم إنكم تعرفون المسئول الحقيقي عن ذلك؟
عفواً يا جماهير الإسماعيلية .. فانتم من بدأتم بالسباب وأنتم من أعتديتم في "سبت رسوبنا" وأنتم من أفشلتم المبادرة .. فمنحتم الآخرين دليلاً جديداً على عدم قدرتنا على إحترام بعضنا، وأصبحنا بفضلكم مطالبين بعدم التحدث عن براءتنا بعد ذلك لوقت طويل.
لم أتعود أن أحمل هكذا على أي طرف في معالجتي للأمور من قبل، لكن عجزنا عن إنجاح يوم وحيد قررنا أن نكون فيه غير متعصبين، استفزني لأرسل عزائي للمسئوليين والقيادات في إنتهاء مبادرتنا بـ "الطوبة" الشهيرة وموتها منذ يومها الأول.