قلت بقى نفضح الاسرائليين
وبجد هنا جواسيس وكلام اول مرة هتعرفوه وهتسمعوه
فى الاول هجيب فاضيح الموساد على مر التاريخ
وبعد كده هجيب جواسيس الموساد ويارب الموضوع يأثر فى كثير مننا
وهى هتكون عبارة عن حلقات وعلى قد ما اقدر اجيب ل يوم حلقه
نبدأ ونتوكل على الله
فضايح الموساد اليهودى ( الصهيونى )
أعلن أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي أنه لا يوجد ما يثبت مسئولية جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) عن اغتيال قيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في دبي على الرغم من استخدام أعضاء مشتبه بهم في فرقة الاغتيال جوازات سفر لإسرائيليين ولدوا في الخارج. لكن قلة من المعلقين الإسرائيليين بدت تشكك في قيام الموساد بدور في اغتيال قيادي حماس محمود المبحوح يوم 20 يناير كانون الثاني والذي أصبحت قضية مقتله قضية شهيرة بعدما طالبت حماس بفتح تحقيق في قتله.
وفيما يلي عرض لبعض الفضائح الدولية السابقة التي تورط فيها الموساد ووكالات مخابرات إسرائيلية أخرى:
* 1954 - كشفت مصر خلية تابعة لمخابرات الجيش الإسرائيلي من اليهود المصريين. وكانت الخلية قد ألقت قنابل حارقة على مواقع يرتادها غربيون لإحراج القاهرة وإثنائها عن تأميم قناة السويس. وتم شنق اثنين من أفراد الخلية وانتحر آخر وسجن ستة آخرين. وقدم بينهاس لافون وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك استقالته على الرغم من نفيه إجازة المخطط.
* 1963 - اعتقلت الشرطة السويسرية إسرائيليا ونمساويا بعدما اتهمتهما ابنة عالم ألماني بتهديدها في إطار حملة ترويع قام بها الموساد لألمان يشتبه بأنهم ساعدوا برنامجا مصريا للصواريخ. واستقال إيسار هاريل رئيس الموساد آنذاك. وتم إطلاق سراح المعتقلين بعد ذلك بشهور قليلة.
* 1967 - اعتقل شخصان في ألمانيا يشتبه بأنهما ضابطان في الموساد أثناء مداهمتهما منزلا يعتقد أنه ملك مسئول سابق في البوليس السري الألماني. وأفرج عن الضابطين في لفتة لحسن نوايا لإسرائيل بعد حرب عام 1967 في الشرق الأوسط.
* 1973 - قتل أفراد تابعون للموساد بالرصاص في النرويج نادلا مولودا في المغرب بعدما ظنوا أنه أحد الفلسطينيين الذين دبروا لهجوم قتل فيه 11 لاعبا إسرائيليا خلال دورة الألعاب الاولمبية في ميونيخ عام 1972 . وتمت محاكمة خمسة ضباط في الموساد لكن أفرج عنهم في نهاية المطاف. وعرضت إسرائيل دفع تعويض لأسرة النادل.
* 1985 - جوناثان بولارد المحلل في البحرية الأمريكية اعتقل لنقله معلومات مخابرات إلى لاكام وهي وكالة إسرائيلية متخصصة في التعاون العلمي. واعتذرت إسرائيل للولايات المتحدة وفككت لاكام. وحكم على بولارد بالسجن مدى الحياة.
* 1987 - احتجت بريطانيا لدى إسرائيل على ما وصفته لندن بأنه إساءة استخدام "سلطات إسرائيلية" لجوازات سفر بريطانية مزيفة وقالت بريطانيا إنها تلقت تأكيدات من إسرائيل بعدم تكرار هذا الأمر.
في 1997 لم تنجح عملية اغتيال
القيادي خالد مشعل
* 1991 - اعتقل أربعة إسرائيليين خلال محاولة على ما يبدو لوضع أجهزة تنصت في سفارة إيران بقبرص. وأفرج عنهم لعدم كفاية الأدلة.
* 1997 - ألقت السلطات الأردنية القبض
على اثنين من أفراد الموساد بعد محاولة فاشلة لاغتيال خالد مشعل القيادي الكبير في حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وتم ترحيل الاثنين إلى إسرائيل بعدما أفرجت إسرائيل عن أحمد ياسين مؤسس حماس الذي كان مسجونا.
* 1998 - تم الكشف عن مجموعة من الإسرائيليين تحاول التنصت على هواتف شخص يشتبه بأنه من أعضاء حزب الله في سويسرا. وتصدر جلسة مغلقة لمحكمة قرارا بسجن إسرائيلي وصفته وسائل إعلام بأنه ضابط بالموساد مع وقف التنفيذ وإلزامه بدفع غرامة. وأفرج عن ثلاثة من زملائه.
- وفي قبرص اعتقل شخصان يشتبه بأنهما ضابطان في الموساد واتهما بالتجسس على منشآت عسكرية حساسة. وأطلق سراح الاثنين بعدما قضيا تسعة أشهر في السجن.
* 2004 - أصدرت محكمة في أوكلاند بنيوزيلندا قرارا بسجن إسرائيليين اثنين لمدة ستة شهور بعدما اعترفا بمحاولة الحصول على جواز سفر نيوزيلندي مزيف. واشتبهت ولنجتون بأن الإسرائيليين من الموساد فأوقفت علاقتها مع إسرائيل احتجاجا على هذا الأمر. وتعتذر إسرائيل لنيوزيلندا بعد ذلك بعام وتستأنف العلاقات بين البلدين.
* 2010 - قالت شرطة دولة الإمارات العربية المتحدة إنها أصدرت مذكرات اعتقال دولية بحق مشتبه بهم في مقتل المبحوح ومن بينهم أشخاص يحملون جوازات سفر ألمانية وبريطانية وفرنسية وأيرلندية. وتحتجز الإمارات أيضا فلسطينيين اثنين للاشتباه بتورطهما في الأمر.
اول الجواسيس
ملكة جمال لبنان.. جاسوسة للموساد الإسرائيلي!!!!
"أحببت دوري في مسلسل "خطوة حب" لأنه كان الأول لي في الدراما" هكذا بادرت ملكة جمال لبنان السابقة نادين نجيم "الجريدة" التي التقتها في دردشة بعيد الانتهاء من تصوير مسلسلها الثاني "رجال الحسم" الذي يعرض على شاشة رمضان. تسير نادين بخطى ثابتة في طريق الفن الذي دخلته من بابه الأصعب أي من الأدوار المركبة والصعبة، وتعيش راهناًحالة من الترقب لمعرفة الأصداء حول "رجال الحسم" قبل أن تنطلق في مشاريع جديدة.
كيف تقيّمين تجربتك في "رجال الحسم؟
شعرت كأني أعيش واقعاً حقيقياً!!
مختلفة عما قدمته سابقاً، فأنا راضية عن أدائي وتفاعلت مع الأحداث بطريقة صحيحة وشعرت كأني أعيش واقعاً حقيقياً.
ماذا أكسبتك هذه التجربة؟
ثبتتني أكثر كممثلة في الدراما العربية، بالإضافة إلى أنني استمتعت بالعمل مع المخرج نجدت أنزور والمؤلف فايز بشير ومع منى واصف وباسل خياط ومجموعة من نجوم الشاشة السورية.
هل وجدت نفسك أكثر في "رجال الحسم" أم في "خطوة حب" الذي عرض سابقاً على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال؟
يختلف المسلسلان عن بعضهما في الشكل إنما يجتمعان على تصوير الواقع لذلك أجد نفسي في الإثنين.
ما أبرز مميزات الشخصيتين اللتين جسدتِهما في المسلسلين؟
في "خطوة حب"، جسدت شخصية داليا، فتاة مقعدة لكنها تتمتع بصفات لا تتوافر في الأشخاص الذين يتمتعون بجسم سليم، لذلك أردت إيصال رسالة إلى المشاهدين بألا يشفقوا على ذوي الاحتياجات الخاصة، بل أن يحترموهم لأنهم يملكون قدرات استثنائية تخوّلهم احتلال مراكز مهمة في المجتمع، أما في "رجال الحسم" فالقضية مختلفة إذ أجسّد شخصية جاسوسة للموساد الإسرائيلي.
ما الصعوبات التي واجهتها في "رجال الحسم"؟
الصعوبة الوحيدة التي واجهتني هي عدم قدرتي على إتقان اللهجة السورية، لذا اعتمدت لهجتي اللبنانية، بما أن الدور لا يفرض علي التحدث بالسورية ولم يصرّ المخرج على ذلك.
ما الذي جذبكِ الى المشاركة فيه؟
دوري فيه لأنه مركّب وصعب. على الرغم من أنه قد يستفزّ البعض لأنه يركّز على قوّة الشخصية، إلا أنني تحمست له لإثبات قدرتي على تجسيد الشخصيات المختلفة. كذلك جذبتني القصة التي تصوّر أجواء الفساد والجريمة التي تحيط بالعاملين في جهاز الموساد الإسرائيلي وانعكاس ذلك على عدالة القضية.
هل ثمة أصداء بدأت تتردد، علماً أن المسلسل ما زال في حلقاته الأولى؟
نعم وهي تثني عليه، لذا يمكنني القول إنني كسبت التحدي الذي خضته مع نفسي.
إلى أي مدى قد يؤثر تجسيدك دور امرأة تعمل مع الموساد الإسرائيلي في محبة الناس لك خصوصاً أنك في بداية
مشوارك الفني؟
الشاشات تعيد عرض المسلسلات كافة بعد
انتهاء الشهر
لا يؤثر أبداً، فمعظم المشاهدين هم مثقفون والكتب التي تتناول الموساد الاسرائيلي منتشرة في كل مكان ولا شك في أنهم اطلعوا عليها، بالإضافة إلى أنهم يتمتعون بنسبة كبيرة من الوعي تخولهم التفريق بين الحقيقة والتمثيل.
ألا تخافين من عدم إيفاء المسلسل حقه في ظل زحمة المسلسلات الرمضانية؟
لا، لأنه يعرض على محطات مختلفة وفي أوقات متباعدة لذلك يسهل على المشاهد متابعته، ولأن الشاشات تعيد عرض المسلسلات كافة بعد انتهاء الشهر الفضيل وهو أمر إيجابي، خصوصاً أنه يصعب على المشاهد متابعة كل المسلسلات خلال رمضان والتي تتميز بانتاج ضخم وبمشاركة معظم النجوم على الساحة العربية.
هل أنت متابعة جيدة للدارما العربية؟
نعم، خصوصاً الدراما السورية، لكن تمنعني كثرة أعمالي وارتباطاتي من متابعة دراما رمضان وبالكاد استطيع مشاهدة "رجال الحسم".
ما الفرق بين الدراما السورية واللبنانية برأيك؟
لدينا في لبنان قدرات لا يستهان بها من ممثلين ومخرجين وكتّاب ومصوّرين... لكن الفارق الوحيد أن الموازنة التي تخصّص لأي عمل درامي سوري تفوق بأشواط موازنة أي عمل لبناني ما يؤثر في وضع الدراما اللبنانية بشكل كبير.
لماذا أنت بعيدة عن الدراما المصرية؟
لست بعيدة، ثمة عروض كثيرة إلا أنني أرفض الخوض في تفاصيلها حتى تصبح على أرض الواقع.
من هم الممثلون الذين تنتظرين أعمالهم؟
من سوريا باسل خياط وفايز قزق ومنى واصف... ومن مصر أحمد السقا ومي عز الدين ومي عبد العزيز ومنى زكي.
هل تقبلين بمشاركة ممثلة لبنانية بطولة عمل درامي عربي، علماً أننا سمعنا تصريحات صدرت عن نجمات لبنانيات تؤكد رفضهن بشكل قاطع هذا الأمر؟
لا يهمني الموضوع لأنه ليس لدي عقدة الأنا وأؤمن بأن كل شخص يأخذ نصيبه، وكما يقول المثل اللبناني "ما حدا بياخذ شي من درب حدا". لا أخاف أحداً في حين يخافني الآخرون.
هل تابعت لاميتا فرنجية في مسلسل "جمر الغضا"؟
أحب متابعة أعمال النجمات اللبنانيات!!
كلا، بسبب ضيق الوقت إلا أنني أحب متابعة أعمال النجمات اللبنانيات.
ماذا عن تقديم البرامج؟
أحببت تجربتي الأولى في تقديم برنامج beauty clinic على شاشة المستقبل واعتبرها ناجحة، لكني أضفت إليه أكثر مما أضاف إليّ. قد أكرر هذه التجربة مستقبلاً لكن بمضمون وأطر مختلفة. أصبحت أدرك أكثر كيفية اختيار الأعمال التي تناسب شخصيتي وموقعي.
هل تلقيتِ عروضاً في هذا الإطار؟
عرض علي تقديم برنامج على شاشة الـMTV إنما يصعب علي راهناً التوفيق بين عملي الخاص وبين التلفزيون.
ما نوعية البرامج التي تجذبك؟
برنامج "أوبرا" من تقديم أوبرا وينفري، لأنها تنوع في اختيار ضيوفها وفي مضمون حلقاتها، من الفن إلى المجتمع إلى الصحة والرياضة وغيرها، وتجيد الحوار بطريقة عفوية واحترافية. كذلك أتابع قناة "E" المتخصصة بالمشاهير وأخبارهم. أما على الصعيد المحلي تابعت "أحمر بالخط العريض" للإعلامي مالك مكتبي. تلفتني هذه النوعية من البرامج التي تعالج حالات واقعية موجودة في المجتمع لكنها بعيدة عن الأضواء.
يتردد أن ثمة مشروع زواج قريباً، ما صحة ذلك؟
غير صحيح، لا أعيش راهناً أي قصة حب، كان ثمة مشروع جدي لكنه لم يكلل بالنجاح.
ما مواصفات فتى أحلامك؟
أن يتمتع بالكرم والثقة بالنفس وأن يكون متفهماً ويعتني بمظهره الخارجي.
من يدعمك؟
الله تعالى وعائلتي.
ما هواياتك؟
المطالعة والرياضة والرقص وأنوي تعلم العزف على الغيتار قريباً.
مش معنى الكلام بتاع ملكه جمال لبنان انها كانت حقيقى
جاسوسه
لا هى عملة مسلسل بدور جاسوسه
ده توضيح علشان محدش ياخد بالعنوان
اشهر جواسيس الموساد الإسرائيلي في مصر
الجاسوس " محمد إبراهيم كامل" الملقب ب ماريو
خسر ورشته على الراقصات فكان الموساد ملاذه
بقلم / دكتور سميرمحمود قديح
الباحث في الشئون السياسية والأمنية
الحلقة الأولى :
منذ تفتحت عيناه على ضجيج الحياة في حي محرم بك المزدحم ذاب عشقاً في جرس الترام . . الذي كلما ملأ أذنيه خرج إلى الشرفة يبتسم في انبهار وحيرة .. فنشأت بينه – منذ طفولته – وبين الترام قصة غرام دفعته للهرب من مدرسته . . والسعي وراءه راكباً لجميع خطوطه المختلفة ومحطاته.
ولم يدم هذا الحب كثيراً إذ اندفع فجأة نحو السيارات فالتصق حباً بها . . والتحم عقله وقلبه الصغير بموتور السيارة مستغرقاً وقته كله.. حتى أخفق في دراسته الابتدائية. . وأسرعت به خطاه إلى أول ورشة لميكانيكا السيارات يمتلكها إيطالي يدعى الخواجة "روبرتو" الذي اكتشف هذا الحب الجارف بين الولد والموتور فعلمه كيف يتفاعل معه؟! ويفهمه ويستوعبه. ولم تكد تمضي عدة أشهر فقط إلا وكان محمد أشهر صبي ميكانيكي في ورشة الخواجة روبرتو.
كانت السيارات تقف موازية للرصيف بجوار الورشة بأعداد كبيرة. . تنتظر أنامل محمد الذهبية وهي تداعب الآلة المعدنية الصماء. . وتمر بين أجزائها في تناغم عجيب فتعمل بكفاءة ويتحسن صوت "نبض" الموتور .. ويزداد الصبي شهرة كل يوم. ورغم محاولات البعض استدراجه واستثمار خبرته وشهرته في عمل ورشة "مناصفة" بعيداً عن روبرتو، أجبروا على أن يتعاملوا معه كرجل لا كصبي في الخامسة عشرة من عمره. وكثيراً ما كان ينزعج عندما كان يخرج إلى الكورنيش مع أقرانه بسبب توقف السيارة ودعوة أصحابها له ليركب حتى منزله، فكبرت لدى الصبي روح الرجولة وارتسمت خطوطها المبكرة حيث كان مبعثها حبه الشديد للعمل والجدية والتفكير الطويل.
وبعد عدة سنوات كانت الأحوال والصور قد تغيرت.
صار الصبي شاباً يافعاً خبيراً بميكانيكا السيارات. تعلم اللغة الإيطالية من خلال الخواجة روبرتو والإيطاليين المترددين على الورشة وأصبح يجيد التعبير بها كأهلها.. فأطلق عليه اسم "ماريو".
وعندما لسعته نظرات الإعجاب من "وجيدة".. دق قلبه بعنف وانتبه لموعد مرورها أمام الورشة حين عودتها من المدرسة. فواعدها والتقى بها ولم يطل به الأمر كثيراً. . إذ تقدم لأسرتها وتزوجها بعدما أقنعتهم رجولته وسمعته الحميدة وشقته الجميلة في محرم بك.
ثمانية أعوام من زواجه وكانت النقود التي يكسبها تستثمر في ورشة جديدة أقامها بمفرده. ومنذ استقل في عمله أخذ منه العمل معظم وقته وفكره حتى تعرف على فتاة قاهرية كانت تصطاف مع أهلها بالإسكندرية وأقنعها بالزواج.. ولأنها كانت ابنة أسرة ثرية فقد اشترى لها شقة في الدقي بالقاهرة وأثثها.. وأقام مع عروسه "تغريد" لبعض الوقت ثم عاد إلى الإسكندرية مستغرقاً في عمله متنقلاً ما بين وجيدة وتغريد ينفق هنا وهناك. وعندما توقف ذات يوم على الطريق الصحراوي بالقرب من الرست هاوس بجوار سيارة معطلة. . أعجبته صاحبة السيارة ودار بينهما حوار قصير. . على أثره ركبت معه السيارة الرائعة إلى القاهرة .. وفي الطريق عرف أنها راقصة مشهورة في شارع الهرم .. سهر معها في الكباريهات وتنقل معها هنا وهناك. . ثم اصطحبته معها إلى شقتها. .واعترف ماريو أن هذه الراقصة كانت أول من دفعه والخطوة الأولى نحو حبل المشنقة. .
ويقول في اعترافاته التفصيلية. . *
في تلك الليلة شربت كثيراً وكلما رأيت جسد الراقصة المثير يرتعش أمام الزبائن ترتعش في جسدي خلجات الرغبة، وبعدما انتهت من فقراتها الراقصة في أربعة كباريهات . . عدنا إلى شقتها في المهندسين وبدلاً من أن أنام أو أذهب لشقتي حيث تنتظرني تغريد . . وجدتني أطوق خصرها بشدة وأطلب منها أن ترقص لي وحدي، فأبدلت ملابسها وعادت لي بلباس الرقص الشفاف الذي سلب عقلي وأفقدني الصواب.
وذهبت إلى تغريد التي وجدتها تشتاق إلى جيوبي قبلما تشتاق إلى .. فافتعلت مشاجرة معها وعدت ثانية إلى الراقصة التي استقبلتني فرحة .. ومنذ ذلك اليوم وأنا لا أكاد أفارقها أو أبتعد عنها لأواصل عملي في الورشة.
لقد استعنت ببعض الصبية الذين دربتهم على القيام بالعمل بدلاً مني .. فكنت أتغيب لعدة أيام في القاهرة وأعود لأجمع ما ينتظرني من مال لديهم . . وسرعان ما أرجع لأنفقه على الداعرات والراقصات . . ونساء يبعن بناتهن ورجال يبيعون لحم زوجاتهم من أجل جنيهات قليلة.
ولأن للفلوس مفعول السحر فقد كنت أعامل كملك . . لأنني أصرف ببذخ على من يحطن بي من فتيات ونساء أشبعنني تدللاً . . وصورنني كأنني الرجل الأول لديهن، فأطلقت يدي ومددتها إلى مدخراتي في البنك شيئاً فشيئاً حتى أصبح رصيدي صفراً وتحولت الورشة إلى خرابه بعدما سرق الصبيان أدواتها وهرب منها الزبائن.
حاولت أن أثوب إلى رشدي وكان الوقت قد فات، وخسرت سمعتي بعدما خسرت نفسي. . وأصبحت مصاريف وجيدة وتغريد تمثل عبئاً قاسياً على نفسي وأنا الذي لم يعضني الجوع أو تثقلني الحاجة من قبل . . فتألمت لحالي وقررت أن أخطو خطوة سريعة إلى الأمام وإلا . فالمستقبل المجهول ينتظرني والفقر يسعى ورائي بشراسة ولا أستطيع مجابهته.
استخرجت جواز سفر وحصلت على عناوين لبعض زبائني القدامى في إيطاليا وركبت السفينة الإيطالية "ماركو" إلى نابولي. . وبعدما رأيت أضواء الميناء تتلألأ على صفحة المياه صحت بأعلى صوتي تشاو .. تشاو نابولي.
وفي بنسيون قديم وقف أمامه صاحبه العجوز سألته هل زرت مصر من قبل؟ فقال الرجل لا . . ضحكت وقلت له أنني رأيتك في الإسكندرية منذ سنوات فجاءتني زوجته تسبقها حمم من الشتائم قائلة:
ماذا تريد أيها المصري من زوجي؟ أتظن أنك فهلوي؟ انتبه لنفسك وإلا . . ففي نابولي يقولون: إذا كان المصري يسرق الكحل من العين .. فنحن نسرق اللبن من فنجان الشاي. وكان استقبالاً سيئاً في أول أيامي في إيطاليا.
في اليوم التالي حاولت أن أتعرف على السوق وبالأخص أماكن بيع قطع الغيار المستعملة . ولكن صديقاً إيطالياً توصلت إليه أخبرني أن في "ميلانو" أكبر أسواق إيطاليا للسيارات القديمة والمستعملة . . وثمنها يعادل نصف الثمن في نابولي. فاتجهت شمالاً إلى روما وقطعت مئات الكيلو مترات بالقطار السريع حتى ميلانو .. وبالفعل كانت الأسعار هناك أقل من نصفها في نابولي.. والتقيت في ميلانو بأحد زبائني القدامى الذي سهل لي مهمتي. . ولفت انتباهي إلى أماكن بيع منتجات خان الخليلي في ميلانو بأسعار عالية.
ابتعت طلباتي من قطع غيار سيارات الفيات 125 غير المتوافرة في السوق المصرية وعدت إلى الإسكندرية وخرجت من الجمرك بما معي من بضائع بواسطة زبائني الذين يعملون في الدائرة الجمركية .. وقمت ببيع قطع الغيار بأضعاف ثمنها وذهبت إلى خان الخليلي واشتريت بعضاً من بضائعه وسافرت مرة ثانية إلى إيطاليا. . واعتدت أن أنزل ببنسيون "بياتريتشي" في روما ثم أتجه إلى ميلانو لعدة أيام .. أنجز خلالها مهمتي وأعود ثانية إلى روما ونابولي ثم إلى الإسكندرية.
اعتدت السفر كثيراً وبدأت الأموال تتدفق بين أصابعي من جديد .. واتسعت علاقاتي بإيطاليين جدد بالإضافة للأصدقاء القدامى الذين يكنون لي كل الود.
وفي ذات مرة وبينما كنت في خان الخليلي أنتقي بعض المعروضات التي أوصاني صديق إيطالي بشرائها. . سألتني فتاة تبيع في محل صغير عما أريده .. وساعدتني في شراء بضائع جيدة بسعر رخيص وتكررت مرات الذهاب للشراء بواسطتها ولما عرفت أنني أسافر إلى إيطاليا بصفة مستمرة عرضت علي أن تسافر معي ذات مرة. . لتشتري سيارة فيات مستعملة لتشغيلها تاكسياً في القاهرة. واطمأنت "زينب" وهذا هو اسمها – عندما أخبرتها أنني أعمل ميكانيكياً وأقوم بالإتجار في قطع الغيار. وتركتها لتجمع المبلغ المطلوب ثم أرسل لها من إيطاليا لأنتظرها هناك.
أراد أصدقائي الإيطاليين أن أظل بينهم وأمارس عملاً ثابتاً أحصل بمقتضاه على إقامة في إيطاليا. وقد كان. . إذ سرعان ما وجدوا لي عملاً في شركة "راواتيكس". . وبعدما حصلت على تصريح عمل وإقامة .. لم تتوقف رحلاتي إلى الإسكندرية . . فالمكسب كان يشجع على السفر بصفة مستمرة لكي أعرف احتياجات سوق قطع غيار السيارات في مصر . . والذي كان يمتصها بسرعة فائقة.
وفي إحدى هذه السفريات وبينما كنت في مطار روما تقابلت بالصدفة مع صديق إيطالي قديم – يهودي – كانت بيننا "عشرة" طويلة واسمه "ليون لابي" فتبادلنا العناوين، وبعد عدة أيام جاءتني مكالمة تليفونية منه وتواعدنا للقاء في مطعم مشهور في ميلانو.
أشفق "لابي" كثيراً على حالي بعدما شرحت له ظروفي وتعثراتي المالية وزواجي من امرأتين ..
وسألته أن يتدبر صفقة تجارية كبيرة أجني من ورائها أموالاً طائلة . . فضحك "لابي" وقبل أن يقوم لينصرف ضربني على ظهر يدي وقال لي:
"لا تقلق ماريو . . غداً سأجد لك حلاً، لا تقلق أبداً".
الوقوع في المصيدة:
في اليوم التالي وفي الثامنة مساء وقفت مرتبكاً للحظات أمام الباب المغلق. . ثم نزلت عدة درجات من السلم وأخرجت علبة سجائري وأشعلت سيجارة . . وعندئذ سمعت وقع خطوات نسائية بمدخل السلم فانتظرت متردداً. . وعندما رأيت الفتاة القادمة كدت أسقط على الأرض.
كانت هي بنفسها الفتاة التي واقعتها في شقة "لابي" لكن ابتسامتها حين رأتني مسحت عني مظاهر القلق وهي تقول:
بونجورنو…
فرددت تحيتها بينما كانت تسحبني لأصعد درجات السلم ولا زالت ابتسامتها تغطي وجهها وقالت في دلال الأنثى المحبب:
- أنا لم أخبر سنيور لابي بما حدث منك ..
قلت في ثقة الرجل:
- لماذا؟ ألم تهدديني بالانتحار من النافذة؟
بهمس كأنه النسيم يشدو:
- أيها الفرعوني الشرس أذهلتني جرأتك ولم تترك لي عقلاً لأفكر .. حتى أنني كنت أحلم بعدها بـ "أونالترا فولتا"، لكنك هربت!!
قلت لها:
- ياليتني فهمت ذلك.
وانفتح الباب وهي تقول:
- هل ترفض دعوتي على فنجان من القهوة الإيطالية؟
ووجدت نفسي في صالة القنصلية الإسرائيلية والفتاة لا زالت تسحبني وتفتح باب حجرة داخلية لأجد "لابي" فجأة أمامي. قام ليستقبلني بعاصفة من الهتاف:
ميو أميتشو . . ماريو . . أهلاً بك في مكتبك.
وهللت الفتاة قائلة:
تصور . . تصور سنيور لابي أنه لم يسألني عن اسمي؟
قهقه لابي واهتز كرشه المترهل وهو يقول بصوت جهوري:
شكرية . .شكرية بالمصري سنيور ماريو تعني: جراتسيللا.
واستمر في قهقهته العالية وصرخت الفتاة باندهاش:
أيكون لاسمي معنى بالعربية؟ اشرحه لي من فضلك سنيور ماريو.
وكانت تضحك في رقة وهي تردد:
شوك . . ريا . . شوك . . ريا . جراتسيللا شوك .. ريا.
ولم يتركني لابي أقف هكذا مندهشاً فقال للفتاة:
- أسرعي بفنجانين من الـ "كافي" أيتها الكافيتييرا جراتسيللا.
واستعرض لابي في الحديث عن ذكرياته بالإسكندرية قبل أن يغادرها إلى روما في منتصف الخمسينيات. . وأفاض في مدح جمالها وشوارعها ومنتزهاتها. . ثم تهدج صوته شجناً وهو يتذكر مراتع صباه وطال حديثنا وامتد لأكثر من ساعتين بينما كانت سكرتيرته الساحرة جراتسيللا لا تكف عن المزاح معي وهي تردد:
شوك . . ريا .. سنيوريتا شوك . . ريا . .
وعندما سألتني أين أقيم فذكرت لها اسم الفندق الذي أنزل به. . فقالت وكأنها لا تسكن ميلانو:
- لم أسمع عن هذا الفندق من قبل.
رد لابي قائلاً:
- إنه فندق قديم غير معروف في الحي التاسع "الشعبي".
قالت في تأفف:
- أوه . . كيف تقيم في فندق كهذا؟
قال لابي موجهاً كلامه إليها:
- خذيه إلى فندق "ريتزو" وانتظراني هناك بعد ساعتين من الآن.
وربت لابي على كتفي في ود وهو يؤكد لي أنه يحتاجني لأمر هام جداً لن أندم عليه وسأربح من ورائه الكثير.
وركبت السيارة إلى جوار جراتسيللا فانطلقت تغني أغنية "بالوردو بيلفا" أي "أيها الوحش الضاري" وفجأة توقفت عن الغناء وسألتني:
هل تكسب كثيراً من تجارتك يا ماريو؟
قلت لها:
بالطبع أكسب . . وإلا . . ما كنت أعدت الكرة بعد ذلك مرات كثيرة. .
- كم تكسب شهرياً على وجه التقريب؟
- حوالي ستمائة دولار.
قالت في صوت مشوب بالحسرة:
وهل هذا المبلغ يكفي لأن تعيش؟ إن لابي يشفق لحالك كثيراً سنيور ماريو.
- سنيور لابي صديقي منذ سنوات طويلة .. وأنا أقدر له ذلك. -
- إنه دائماً يحدثني عن الإسكندرية .. له هناك تراث ضخم من الذكريات . .!!
وفي فندق ريتز .. صعدنا إلى الطابق الثاني حيث حجزت لي جراتسيللا جناحاً رائعاً وبينما أرتب بعض أوراقي فوجئت بها تقف أمامي في دلال وبإصبعها تشير لي قائلة:
"أونالترا فولتا" أيها المصري وهذه المرة "للإيطاليا نيتا" . . "محبة الوطن الإيطالي".
وغرست أظافرها بجسدي بينما كنت أرتشف عبير أنوثتها وأتذوق طعمها الساحر وكانت لا تكف عن الهتاف:
ليوباردو . .ليوباردو .. ماريو إيجتسيانو .
وعندما جاء لابي كان من الواضح أننا كنا في معركة شعواء انتهينا منها تواً.. أخرج من جيبه مظروفاً به خمسمائة دولار وقال لي إنه سيمر علي صباح الغد. .
وأوصاني أن أنام مبكراً لكي أكون نقي الذهن. وانصرفا بينما تملكتني الأفكار حيرى. . ترى ماذا يريد مني؟ وما دخلي أنا فيما يريده لابي؟؟
وفي العاشرة والنصف صباحاً جاء ومعه شخص آخر يتحدث العربية كأهلها اسمه "ابراهيم" . . قال عنه لابي إنه خبير إسرائيلي يعمل في شعبة مكافحة الشيوعية في البلاد العربية.
رحب ابراهيم بماريو وقال له بلغة جادة مفعمة بالثقة:
- إسرائيل لا تريد منك شيئاً قد يضرك . .فنحن نحارب الشيوعية ولسنا نريدك أن تخون وطنك. . مطلقاً. . نحن لا نفكر في هذا الأمر البتة. وكل المطلوب منك.. أن تمدنا بمعلومات قد تفيدنا عن نشاط الشيوعيين في مصر وانتشار الشيوعية وخطرها على المنطقة.
وأردف ضابط المخابرات الإسرائيلي:
- كل ذلك لقاء 500 دولار شهرياً لك.
وعندما أوضحت له أنني لا أفهم شيئاً عن الشيوعية أو الاشتراكية. وأنني أريد فقط أن أعيش في سلام. ذكرني لابي بأحوالي السيئة بالإسكندرية والتي أدت إلى تشتتي هكذا بعدما كنت ذا سمعة حسنة في السوق. واعتقدت أنني يجب ألا أرفض هذا العرض. . فهي فرصة عظيمة يجب استغلالها في وسط هذا الخضم المتلاطم من الفوضى التي لازمتني منذ أمد .. وتهدد استقرار حياتي.
الحلقة الثانية :
الحصار في روما :
عندما تسلمت زينب الرسالة الوافدة من إيطاليا، لم تكن تصدق أن يهتم بها هذا العابر المجهول إلى هذا الحد.
كانت قد نسيته بعدما مرت عدة أشهر منذ التقت به في خان الخليلي حيث تعمل بائعة في محل للأنتيكات والتحف. وبعدما تردد عليها عدة مرات عرضت عليه السفر معه إلى إيطاليا لتشتري سيارة لتشغيلها سيارة أجرة في القاهرة .. فوعدها بأن يساعدها ثم اختفى فجأة ولم يعد يذهب إليها . . حتى جاءتها رسالته تحمل طابع البريد الإيطالي وعنوانه وتليفونه هناك.
أسرعت زينب بالخطاب إلى خالها الذي يتولى أمرها بعد وفاة والديها، ولكنه عارض الفكرة وعندما رأى منها إصراراً رضخ للأمر ووافقها..
سنوات وزينب تحلم بالسفر إلى الخارج للعمل. لقد بلغت الرابعة والعشرين من عمرها، ولم ترتبط بعد بعلاقات عاطفية تعوق أحلامها. لذلك تفوقت في دراستها بكلية الآداب – جامعة عين شمس وعشقت اللغة الإنجليزية عشقاً كبيراً. . والتحقت بعد الجامعة بالعمل في خان الخليلي بالقرب من بيتها في شارع المعز لدين الله بحي الجمالية. . حيث مسجد الحسين ورائحة التاريخ تعبق المكان وتنتشر على مساحة واسعة من الحي القديم العريق.
حجزت زينب تذكرة الطائرة ذهاباً وإياباً على طائرة مصر للطيران .. وبحقيبتها كل ما لديها من مال وفرته لمثل هذه الفرصة. وفي مطار روما كان ماريو بانتظارها يملؤه الشوق لأول الضحايا الذين سيجندهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
وعندما رأته كانت كمن عثر على شيء ثمين. إذ صدمتها اللغة الإيطالية التي لا تعرف منها حرفاً واحداً. . وسرت كثيراً عندما وجدت ماريو يتحدث بها "كالطليان" أصحاب البلد. اصطحبها إلى فندق رخيص في روما ثم تركها لتستريح وذهب هو إلى مسكنه ليرتب خطة تجنيدها التي رسم خطوطها عدة مرات. .
وفي الصباح ذهب إلى الفندق حيث كانت الفتاة تنتظره فأخذها في جولة رائعة بسيارته لمنتزهات روما وأماكنها السياحية. ثم ذهب بها في اليوم التالي إلى أماكن بيع السيارات المستعملة. معتمداً أن يرفع لها أسعار السيارات مستغلاً جهلها باللغة الإيطالية. . واعتمادها عليه أولاً وأخيراً.
وتعمد أيضاً أن تطول مدة إقامتها في روما للبحث عن فرصة شراء سيارة أفضل وأرخص وأقنعها بشراء فيات 125 دفعت فيها معظم ما تملكه من مال. . وما تبقى معها كان يكفي بالكاد مصاريف الشحن إلى الإسكندرية.
وصدمت الفتاة بعدما تبين لها أن فاتورة الفندق امتصت النصيب الأكبر من نقودها .. ولم تعد تملك مصاريف الشحن كاملة. لقد خدعها ماريو عندما ذكر لها أرقاماً تقل بكثير الحقيقة عند شحن السيارة.
تركها ماريو لعدة أيام دون أن يتصل بها بحجة أنه كان في ميلانو. وبكت زينب في حرقة وهي تحكي له عن حالها. . وكيف إنها لم تعد تملك أية أموال لتعود إلى مصر بالسيارة الواقفة أمام الفندق ومتوسلة أن يساعدها فوعدها بذلك.
ومرت ثلاثة أيام أخرى كانت زينب قد باعت حليها ولم تتبق معها سوى ساعة يدها الجوفيال التي لا تساوي شيئاً يذكر.
حاصرها ماريو جيداً وأفقدها التفكير واستعمل معها أسلوب "صيد الغزلان" بأن أغلق أمامها كل الطرق.. وترك لها فتحة ضيقة لتنفذ منها إلى شبكته لتقع فيها ولا تخرج. وظهر لها فجأة بعد غياب عدة أيام معتذراً بشدة .. واصطحبها للعشاء بأحد المطاعم الراقية. . وبعد أن جلسا عزفت الموسيقى مقطوعة إيطالية شهيرة عنوانها "مولتي جراتسي ميو أميتشو" أي "شكراً جزيلاً يا صديقي" فقالت زينب لماريو:
طلبت منك قرضاً أرده لك في مصر فلم تجبني.
اعتدل ماريو في مقعده وقال بسرعة:
نعم . . نعم . . لا مشكلة إذن . . بعد غد سأتلوى شحن سيارتك إلى الإسكندرية.
ولِم بعد غد؟
مشغول أنا غداً. . ولا أملك وقتاً مطلقاً "قالها ماريو وتعمد ألا ينظر لوجهها".
لقد وعدتني أن تدبر لي عملاً هنا في روما. فإن ذلك سيعفيك من إقراضي أية أموال.
ماذا تقولين؟ ألم أخبرك أنني أبحث بالفعل عن عمل مناسب لك؟
أنت تقول "قالتها زينب مليئة بالحسرة والإحساس بالندم"
فما كان من ماريو إلا أن أجاب:
عموماً . . بعد غد ستكون سيارتك على ظهر السفينة. أفهمت؟
وفي تلك اللحظة .. اقترب منها رجل وسيم تعدى الخمسين بقليل وقال بالإنجليزية بأدب جم:
أتسمحان لي بأن أطلب من إدارة المطعم إغلاق جهاز التكييف الحار حتى لا نصاب جميعاً بالبرد عند الخروج؟
ردت زينب في حماس بالغ ممزوج بالعرفان:
تفضل . . وشكراً يا سيدي
أردف الرجل قائلاً:
معذرة . . هل أنت تونسية؟
أجابته بأن لكنتها تدل على ذلك وضحكت وقالت في افتخار:
أنا من الجمهورية العربية المتحدة. من القاهرة.
هتف الرجل سعيداً:
أوه . .ناسر . . يا له من زعيم عبقري.
وفي حركة مسرحية سريعة مد الرجل يده إلى محفظته.. وأخرج منها صورة لعبد الناصر يشرب من "القلة" ويجلس على الأرض بجوار صلاح سالم وأردف قائلاً:
تمنيت أن أراه وأصافحه ذات يوم. فهل يتحقق لي ذلك؟
تعال إلى القاهرة يا سيدي وأعتقد أن ذلك ليس بالشيء الصعب.
هكذا قالت زينب بفخر، وهي تتكلم الإنجليزية بطلاقة. .، وتكلم ماريو يخاطب الرجل بالإيطالية:
أنتم تكرهون ناصر في الغرب . . وفي الشرق تتوقف الحياة تماماً حينما يتكلم .. تناقض غريب.
أجاب الرجل في بشاشة:
نعم يا سيد .. ؟
ماريو . . ماريو إيجتسيانو "ماريو المصري".
نعم . . نعم سنيور ماريو هذه حقيقة لا ننكرها.. فمنذ أزمة القناة والغرب لا ينسى ذلك لناصر أبداً.
واعترضت زينب على حوارهما بالإيطالية فقال لها ماريو إن لغته الإنجليزية ضعيفة جداً .. وجاءت فاتورة الحساب ففوجئت زينب بالرجل الغريب يصر على دفعها.. وعندما تمسك ماريو برأيه قال الرجل:
إذن .. هلا قبلتما دعوتي على العشاء غداً؟
أجاب ماريو موافقاً بينما تحرجت زينب ثم فاجأهما ماريو بإعلان اعتذاره لارتباطه طوال الغد .. فأبدى الرجل الأنيق تفهمه ونظر إلى زينب فتراجعت الكلمات على لسانها .. عندها لم يمهلها وقتاً طويلاً لتفكر وقال موجهاً حديثاً إليها أنه سيلتقي بها في الثامنة مساء الغد في مطعم "فريسكو" .. فقالت زينب في اضطراب "بعدما نظر إليها ماريو موافقاً" إنها لا تعرف الأماكن جيداً. وبدأ الرجل سيلاً من الأسئلة عن جوانب حياتها فأجابته زينب بحسن نية وأخيراً قال لها في دبلوماسية شديدة تدل على خبرة عالية في إدارة حوار:
لقاء الغد ستترتب عليه أشياء كثيرة مهمة لكلينا .. !!
وبعد انتهاء السهرة صحبهما بسيارته الفارهة وأنزل زينب أمام فندقها وانصرف. . وقضت هي وقتاً طويلاً تفكر فيما يقصده بعبارته الأخيرة. وماذا سيترتب عليها من أشياء مهمة؟؟
وفي مساء اليوم التالي كان في انتظارها بردهة الفندق كما اتفقا بالأمس . . وأخذها في جولة ليلية بنوادي روما وشوارعها ثم ذهبا معاً إلى مطعم فريسكو الشهير .. حيث الأنواع الغريبة من الأسماك والمحار وكائنات بحرية مدهشة.
كان الرجل قد التمس مكاناً هادئاً في ركن بعيد وتوقعت زينب بأنه من زبائن المطعم المعروفين، للاحترام الجم الذي قوبل به. ولكنه انتشلها من حيرتها وقال لها بحرارة:
آنسة زينب .. منذ الأمس وأنا في حيرة شديدة. . وكما تعلمين فأنا رجل أعمال بريطاني معروف . . والذي لا تعرفينه أنني انفصلت عن شريك لي منذ مدة قصيرة .. وكنت أنوي توسيع أعمالي في لندن لكن أشار علي البعض باستثمار مشاريع إنمائية في جنوب أفريقيا . وقمت بالفعل بالسفر إلى جوهانسبرج وزيارة كيب تاون وحصلت على بعض تقارير اقتصادية لتساعدني في اتخاذ قراري. حتى كان لقاء الأمس الذي سبب لي حيرة شديدة فبرغم حبي لناصر إلا أنني لم أفكر من قبل في السفر إلى القاهرة لدراسة السوق المصرية وإقامة بعض مشروعاتي بها.
وتنهد الرجل فيما يشبه إحساساً بالندم وأردف:
إنني الآن – وبإصرار وثقة – أريد اقتحام السوق العربية من خلال مصر. ومن خلالك أنت.
قالت له زينب في دهشة:
من خلالي أنا؟
نعم . . فأنت مصرية وجامعية طموحة .. تملكين اللغة العربية والإنجليزية والثقافة. . ويمكنني الاعتماد عليك في إعداد تقرير اقتصادي عن أحوال مصر الاقتصادية ومشاكل التنمية بها ومعوقات السوق. ومن خلال هذا التقرير سأقرر ما إذا كنت أستطيع إقامة مشاريع إنمائية في مصر من عدمه. ولذلك فهذا الأمر مهم بالنسبة لي ولك .. لأنك ستكونين مديرة لفرع القاهرة وتملكين حق اتخاذ قرارات لصالح مؤسستنا.
انفرجت أسارير زينب وهللت بشراً وسعادة لهذا الخبر المنهمر الذي أغدق عليها فجأة. كانت تجلس أمامه ولا تملك بحقيبة يدها سوى ستة وعشرين دولاراً وبضع ليرات إيطالية لا تكفي ليوم آخر في روما. . واغرورقت عيناها بدموع الفرح عندما فاجأها قائلاً:
ومنذ اليوم سيكون راتبك ثلاثمائة دولار شهرياً.
صرخت بأعماقها لا تصدق أن غيمة النحس قد انقشعت . . وأن الحياة عادت لتضحك من جديد.. لقد مرت بها سنوات من الجوع والحرمان والحاجة .. وكلما ارتقت درجة من درجات الأمل انزلقت إلى الوهم وأحلام الخيال. الآن جاءت أحلام الواقع لتزيح أمامها الأوهام فتتراجع القهقري.
كانت تبدو من قبل وكأنها تغرق في لجج من ماء ذي قوام .. الآن تطير في سماوات من الصفو اللذيذ. أخيراً تحقق الحلم الذي طال انتظار اليتيم له. حلم ليس بالمستحيل ولكنه كان المستحيل نفسه.
يا الله.
قالتها زينب وهي تتنهد فتغسل صدرها الصغير من تراكمات اليأس وخيوط الرجاء.
أوصلها الرجل إلى الفندق بعدما منحها 600 دولار مرتب شهرين ودفع عنها حساب الفندق. وفوجئت زينب بماريو يسرع بحشن سيارتها ودفع مصاريفها ويودعها بالمطار.
وفي مقعدها بالطائرة أغمضت عينيها وجلست تفكر في أمر ماريو. لقد أخبرته بأمر الرجل فأظهر موافقته. وبرغم كونه تاجراً لم يأخذ منها مصاريف الشحن . . بل ألح عليها كثيراً لكي تأخذ منه مائة دولار في المطار. وسلمها حقيبة هدايا بها علبة ماكياج كاملة وزجاجتا بارفان وحزام جلدي أنيق.
تشككت زينب في هذه الأمور وأخذت من جديد تستعرض شريط ما مر بها في روما. وتذكرت الدورة الإرشادية التي حضرتها في أحد مدرجات جامعة القاهرة قبل سفرها بأيام. كان المحاضر يشرح أساليب الموساد في اصطياد المصريين في الخارج. ولأن ماريو مصري مثلها ومجريات الأمور كلها كانت شبه طبيعية.. فقد طردت وساوسها التي تضخمت إلى حين .. وقررت أمراً في نفسها.
وفي مطار القاهرة انتحت بأحد الضباط جانباً وسألته سؤالاً واحداً. وفي اليوم التالي . . كانت تستقل سيارة صحبتها إلى مقر جهاز المخابرات المصرية.. قالت كل شيء بدقة وسردت تفاصيل رحلتها إلى إيطاليا وكيف خدعها ماريو لتنفق كل ما لديها من نقود. وحكت ظروفها النفسية السيئة التي مرت بها وكيفية تقرب رجل الأعمال البريطاني منها في تلك الظروف. وكيف شحن ماريو سيارتها إلى الإسكندرية على نفقاته.. وهو التاجر الذي يسعى للكسب. . ؟ بل إنه عرض عليها مائة دولار أخرى. ولماذا لم يعطها رجل الأعمال عنوانه في بريطانيا لتراسله وتبعث إليه بالتقارير التي طلبها؟ لقد أخبرها أن ماريو سيسافر إلى القاهرة عما قريب وعليها أن تسلمه التقرير الاقتصادي الوافر الذي ستعده عن مصر.
وتذكرت زينب أيضاً كيف أن ماريو طلب منها في المطار أن تهتم جيداً بالعمل الذي أوكل إليها ولا تهمله. وعندما سألته هل لديك عنوان مكتب رجل الأعمال ؟!! أجاب بنعم في حين أنه من المنطقي أن يكون معها عنوانه. لقد سلمها 600 دولار وهي بلا شك لقاء قبولها التجسس على وطنها.
صراع العقول :
وفوجئت زينب بما لم تتوقعه على الإطلاق . .صور عديدة لها مع ماريو . .قال ضابط المخابرات المصري أن المخابرات العربية على علم بأمره . . وتراقب تحركاته وتنتظر دليل إدانته وقال لها أيضاً :
إن إسرائيل منذ قيامها في عام 1948 وهي تسعى بشتى السبل لمعرفة كل ما يجري في البلاد العربية من نمو اقتصادي وتسلح وما لديها من قوات وعتاد .. ولذلك لجأت لشراء ضعاف النفوس والضمائر وجعلتهم يعملون لحسابها.. وينظمون شبكات التجسس المتعددة في العواصم العربية. . حتى إذا كشفت واحدة تقوم الأخرى مكانها وتتابع نشاط جواسيسها. وتنفق إسرائيل الملايين على هذه الشبكات للصرف عليها.
وأن السبب الرئيسي لسقوط بعض الأفراد في مصيدة المخابرات الإسرائيلية هو ضعف الحالة المادية. وبالإضافة إلى الأموال الطائلة التي تنفقها الموساد على عملائها. . فإنها تغرقهم أيضاً في بحور الرغبة وتشبع فيهم نزواتهم . . وبذلك تتم له السيطرة عليهم.
لذا .. فقد أعلنت المخابرات المصرية في يناير عام 1968 بأنها ستساعد كل من تورط مع العدو .. ووقع في فخ الجاسوسية بالإغراء أو التهديد. وأنها على استعداد للتغاضي عن كل ما أقدم عليه أي مواطن عربي .. إذا ما تقدم بالإبلاغ عن تورطه مع الموساد مهما كان منغمساً في التجسس . . وذلك لتفويت الفرصة على المخابرات الإسرائيلية. ووعد الزعيم جمال عبد الناصر صراحة بحماية كل من تورط بالتجسس لأي سبب. وقد أسفرت هذه الخطة عن تقدم سبعة مصريين إلى جهاز المخابرات المصرية يعترفون بتورطهم ويشرحون ظروف سقوطهم.
وأضاف الضابط:
لقد تكلمنا مع ماريو عدة مرات من قبل . . وأفهمناه بطريقة غير مباشرة بأننا على استعداد لمساعدة المتورطين دون أن يعاقبوا. لكن يبدو أنه استلذ أموال الموساد. وسيسقط على يديك يا زينب لأننا سنحصل على دليل إدانته من خلالك.
ووضعت المخابرات المصرية خطة محكمة لاصطياد ماريو..
وفي أول اتصال هاتفي من روما بعد أيام من وصولها.. أخبرته زينب بأنها مشغولة "بترجمة الكتاب" – وهو مصطلح سبق لهما أن اتفقا عليه – وعندما سألها عن المدة التي تكفي لإنجاز "الترجمة" لأنه ينوي المجيء لمصر بعد يومين طلبت منه – حسب الخطة – أن يتأخر عدة أيام حتى تنجز العمل.
اطمأن ماريو وصديقه لردود زينب .. وقنعا بأنها منهمكة في إعداد التقرير . . فلو أن هناك شيء ما يترتب في الخفاء لما ترددت في إيهامه بأنها أنجزت ما طلب منها ..
وفي مكالمة أخرى بعدها بثمانية أيام . . زفت النبأ الذي ينتظره . . وينتظره أيضاً رجال الموساد في روما. . وعلى ذلك أكد لها بأنه سيصل إلى القاهرة عما قريب.
سقوط الجاسوس “ ماريو “ :
وبعد اللقاء المسجل بالصوت والصورة. اتجه الخائن إلى شارع نوال بالدقي حيث شقة زوجته تغريد. فمكث معها يوماً واحداً وحمل كاميرته الخاصة التي تسلمها من الموساد وركب إلى الإسكندرية بالطريق الزراعي . . يصور المنشآت الجديدة التي تقوم على جانبي الطريق . . ويراقب أية تحركات لمركبات عسكرية أو شاحنات تحمل المدرعات . . وأمضى مع زوجته وجيدة عدة ساعات ثم عاد إلى القاهرة مرة ثانية بالطريق الصحراوي .. وكرر ماريو هذا السيناريو لمدة أسبوع بشكل متصل..
كان إخلاصه للموساد قوياً كعقيدة الإنسان أو إيمانه بمبدأ ما.. فآلاف الدولارات التي حصل عليها من الموساد بدلت دماءه وخلايا مصريته وأعمته عن عروبته.. وجعلت منه كائناً فاقد الهوية والشعور .. بل كان لأموال إسرائيل الحرام فعل السحر في قلبه وزعزعة ثوابت إسلامه. فلقد نسي أن اسمه محمد ابراهيم فهمي كامل . . مسلم .. من مصر . . وأن ماريو ليس اسمه الحقيقي الذي ينادى به. وفي إيطاليا كثيراً ما مر على مساجد روما – دون
قصد – فكان يتعجب ويتساءل: ماذا يعني الدين والأنبياء والرسل؟
وعندما اتصلت به معشوقته جراتسيللا – عميلة الموساد – تستقصي أخباره وأخبار ضحيته زينب أجابها بأن كل شيء على ما يرام. وحدد لها ميعاد سفره إلى إيطاليا. وبعدما أنهت زينب إجراءات الإفراج الجمركي عن سيارتها . . استعدت "هكذا ادعت له" للسفر معه. . فأخبرها بموعد الطائرة وأنه سيمر عليها ليصحبها إلى المطار.
وقبل السفر بعدة ساعات كان ماريو قد أعد أدواته. . وخبأ الأفلام التي صورها بجيوب سرية داخل حقائبه ونزع البطانة الداخلية لها وأخفى التقارير السرية التي أعدها بنفسه ثم أعاد إلصاقها مرة ثانية بإحكام فبدت كما كانت من قبل. ومن بين تلك التقارير كان تقرير زينب الذي كان لدى المخابرات المصرية صورة عنه.
وبينما كان ماريو يغادر منزله بالدقي في طريقه إلى زينب ثم إلى المطار. . فوجئ بلفيف من الأشخاص يستوقفونه .. وأقتيد إلى مبنى المخابرات وأمام المحقق أنكر خيانته لكن الأفلام والتقارير التي ضبطت كانت خير دليل على سقوطه في وكر الجاسوسية . . فاعترف مذهولاً بعمالته للموساد .. وأمام المحكمة العسكرية وجهت إليه الجرائم الآتية:
الحصول على أسرار عسكرية بصورة غير مشروعة وإفشاؤها إلى المخابرات الإسرائيلية.
الحصول على مبلغ "7 آلاف دولار" مقابل إفشاء الأسرار لدولة معادية "إسرائيل".
التخابر مع العدو لمعاونته في الإضرار بمصر في العمليات الحربية.
تحريض مواطنة مصرية على ارتكابها التخابر .. والحصول على أسرار هامة بقصد إفشائها للعدو.
وبرئاسة العميد أسعد محمود إسماعيل وعضوية المقدم فاروق خليفة والمقدم أحمد جمال غلاب بحضور ممثل النيابة العسكرية والمقدم عز الدين رياض صدر الحكم في مايو 1970 بإعدام ماريو شنقاً بعد أن كرر الخائن اعترافه بالتجسس على وطنه. . مبينا الأسرار العسكرية مقابل سبعة آلاف دولار. وصدق رئيس الجمهورية على الحكم لعدم وجود ما يستدعي الرحمة بالجاسوس. لم تنس المخابرات المصرية الدور الكبير الذي لعبته زينب للإيقاع بالخائن ماريو واصطياده إلى حيث غرفة الإعدام ومشنقة عشماوي في أحد سجون القاهرة.
وكانت زينب بالفعل – أول مصرية – تصطاد جاسوساً محترفاً في روما . . لإعدامه في القاهرة.!!