"بطعم وريحة الزبد الفلاحي " ؟!

المقالة منقولة
بقلم أحمد يسري

ترى الممثلون فى الإعلانات - على سبيل المثال - يمسكون بعلبة مملوءة بما يسمى بالسمن النباتى وهم يرسمون على وجوههم ابتسامة مصطنعة عريضة و يقولون بكل سماجة و صفاقة تلك الجملة الكريهة ..

" بطعم و ريحة الزبد الفلاحى " !!

و الأنواع الشهيرة لهذا السمن الصناعى أو النباتى - نسبة إلى الزيوت النباتية المستخدمة فى صناعته - :

سمن روابى – سمن الهانم – سمن جنة – سمن كريستال وغيرها من الماركات التى تمتلىء بها إعلاناتنا فى العالم العربى و تحديداً بلدى مصر ..

" بطعم و ريحة الزبد الفلاحى " !!

إن من يتأمل هذه الجملة التى تتردد على مسامعنا بكثرة, سوف يدرك أن ما يمسك به ذلك المؤدى المصطنع
ما هو إلا شىء صناعى لا طعم له و لا رائحة تماماً مثل ابتسامته..و تماماً أيضاً كالورد البلاستك ولكنه أخطر و أبشع على صحتك ..

و قبل الخوض فى أى تفاصيل يكفى كلمة " سمن صناعى" لتعرف أن ما تأكله هو ليس طبيعياً .. بل هو شىء مصنوع مضاف إليه طعم و رائحة مصنوعتين من مواد كيميائية و هو ما يعرف ب "مكسبات طعم و رائحة" وهذا هو ماتعنيه تلك الجملة الكريهة "بطعم و ريحة الزبد الفلاحى" .. و لكن لتتضح الصورة أكثر تعالوا لنعرف ما هو السمن الصناعى أو النباتى و نعرف مدى خطره على الصحة العامة..

فى البداية لابد أن تعرفوا أن السمن الصناعى هو بديل رخيص و ردىء للسمن الطبيعى الحيوانى و هو مصنوع من زيوت نباتية مهدرجة..
و معنى كلمة "مهدرجة" تلك, أى أنه يتم إضافة ذرة هيدروجين إلى الزيت النباتى ليتحول من الصورة السائلة إلى الصورة الصلبة و التى تماثل السمن .. فينتج عن هذه العملية , ذلك السمن الصناعى و الذى يحتوى على ما يعرف بالدهون غير المشبعة ..

و تكمن خطورة هذه الدهون غير المشبعة, فى أن جسم الإنسان لا يعرف التعامل معها بسلاسة كما يتعامل مع الدهون الحيوانية الطبيعية, و بالتالى يتم اختزانها فى الجسم لمدة طويلة و هو ما يتسبب فى البدانة و أمراض انسداد شرايين القلب و غيرها من الأمراض المشابهة و المتعلقة بالدهون.

و بالطبع لكم أن تعرفوا أن ذلك الممثل المؤدى المصطنع الذى يقوم بالترويج فى الإعلان عن ذلك المنتج بالغ الخطورة.. لا يأكل منه أصلاً, فكل شىء مصطنع فى الإعلانات.. تماماً كتلك الديكورات التى تملأ المكان على أنها أثاث منزلى فى حين أنها مجرد استدويو تصوير!

ذلك الممثل الذى يصطنع السعادة و هو يقول كاذباً أن هذا السمن صِحي !!

تعالوا نتحدث بمزيد من التفاصيل بشكل مبسط عن مكمن الخطورة الحقيقية فى هذه الدهون.. الدهون غير المشبعة فى السمن الصناعى أوالنباتى

تنقسم الدهون بشكل عام إلى نوعين :

النوع الأول: هو دهون مشبعة و هذه الدهون توجد فى زيت الذرة وزيت الزيتون و زيت عباد الشمس و هى دهون صحية يعرف الجسم كيفية التعامل معها و حرقها بشكل آمن

و معنى كلمة دهون مشبعة أن هذه الدهون لن تتفاعل بداخل الجسم و تكون مركبات أخرى, بل يتم هضمها و حرقها بصورة طبيعية و بلا أضرار, كما أنها لا يمكن هدرجتها, و لذلك فهى لا تُستخدم فى صناعة السمن الصناعى.

النوع الثانى: دهون غير مشبعة و هى دهون خطرة و تتواجد فى زيت القطن و زيت الصويا و زيت بذرة الخردل.

و معنى كلمة دهون غير مشبعة أنها ذات قابلية لأن تتفاعل بداخل الجسم و تكون مركبات أخرى ضارة

و الدهون غير المشبعة هى ما يتم استخدامها فى صناعة السمن الصناعى عن طريق إدخال ذرة هيدروجين بها فيما يسمى بعملية "الهدرجة" - و تلك كارثة أخرى - ليتم تحويل الزيت من صورته السائلة إلى صورة صلبة و هى السمن الصناعى..

و لكم أن تعرفوا أن جميع ماركات السمن الصناعى كلها يتم صنعها بنفس الطريقة و تأتى فى قوالب ضخمة بعد أن يتم هدرجتها و هى بدون طعم أو رائحة و كل ما يفرق ماركة من غيرها هو نوعية مكسبات الطعم و الرائحة الصناعية التى يتم إضافتها لكل ماركة قبل تعبئتها فى قوالب البيع !!

الخطورة فى السمن الصناعى أو بالأحرى فى الدهون غير المشبعة بشكل عام تتمثل فى عاملين هامين جداً
هما كالآتى: ( هذا بالطبع بالإضافة لأضرار مكسبات الطعم و الرائحة الصناعية)

عامل الخطورة الأول: هو إدخال ذرة الهيدروجين إلى الزيت الذى يحتوى على الدهون غير المشبعة "عملية الهدرجة" ينتج عنها مُركب اسمه "الألدهايد" و هو معروف بضرره الشديد على الأنسجة بجسم الإنسان و يتسبب فى أكسدة الخلايا و هو ما يسبب السرطان و لكن على المدى الطويل.. عافانا الله و إياكم... و ياله من خطر!

عامل الخطورة الثانى: فى أثناء عملية الهضم لتلك الدهون غير المشبعة, يتخلف بداخل الجسم ما يعرف بالمُركب الكيتونى .. وهو مُركب لا يستطيع الجسم هضمه و بالتالى يتراكم بداخل الجسم فى صورة شحوم و دهون يصعب جداً التخلص منها وهو ما يسبب البدانة المفرطة و أمراض انسداد الشرايين و أمراض القلب كما أنها أحياناً كثيراً ما تتراكم على الكبد ..

و لكم أن تعرفوا أن هذا المُركب لا يوجد له علاج لنزعه من الجسم إلا عن طريق المجهود الشاق المتواصل, و هو ما لا يحدث عند الغالبية العظمى من الناس بطبيعة الحال نظراً لإسلوب الحياة فى المدينة و التى تتسم بالرفاهية و عدم بذل المجهود بالمقارنة بمن يعيش فى بيئة قاسية مثلاً و هو ما ينعكس على التكوين البنيانى
لهؤلاء , فترى مثلاً من يعيشون فى بيئة صحراوية أو نائية, ترى أجسادهم فى الغالب الأعم متناسقة ذات بنيان قوى, نظراً للمجهود الذى يبذله هؤلاء فى إسلوب معيشتهم,

بينما تنتشر الأجساد المترهلة فى المجتمعات المدنية ذات الرفاهية نظراً لقلة المجهود المبذول و بالتالى قلة حرق الدهون و هو ما قصدته فى خطورة وجود ذلك المُركب الكيتونى فى جسم الإنسان إذ أننا فى الغالب لا نبذل المجهود الكافى لحرق الدهون العادية المشبعة فما بالكم بالمركب الكيتونى و الذى يستلذم - بحسب قول الأطباء – مجهود شاق على غيرالعادة لحرقه و تخليص الجسم منه.. و من شره!


قد يقول بعض الناس فى سعادة .. نحن لا نستخدم هذا النوع من السمن و بالتالى فنحن بعيدين عن هذا الضرر!
فى الواقع هذا الكلام ليس صحيحاً , لأن الضرر من هذه الدهون لا يكمن فقط فى استخدام ذلك السمن الصناعى فى البيوت.. إذ أنه مستخدم و بكثرة فى محلات الوجبات الجاهزة كالبرجر والبطاطس المقلية "فرنش فرايز" و الدجاج المقلى .. فكل هذه الأطعمة يتم استخدام الدهون غير المشبعة فيها بصورة أو بأخرى..

فمثلاً سلسلة المحلات للوجبات السريعة الشهيرة الأمريكية الأصل مثل ماكدنولدز و كنتاكى و مثيلاتها.. لا تستخدم الزيت العادى فى قلي البطاطس و الدجاج و غيرها من الأطعمة.. بل يتم قليها فى
ذلك السمن الصناعى نظراً لرخص ثمنه - و أكثر من مرة - و تلك كارثة أخرى – و هذا ما لا يعرفه الكثير من الناس


إن استخدام الزيت العادى فى القلي أكثر من مرة هو كارثة صحية على الإنسان, فنتيجة تعريض الزيت للحرارة العالية فى أول مرة أثناء القلي يتم ما يُعرف بعملية تحرير الشِق الكيتونى فى الزيت و هذا ما يقول عنه الأطباء أنه " المادة الخام للسرطان" !! .. و لذا دائماً ما ينصح الأطباء بضرورة التخلص من الزيت بعد أول مرة يتم استخدامه مباشرة و التحذير من إعادة استخدامه مرة ثانية فى القلي


و هذا ينطبق على محالات الفول و الفلافل بالطبع فترى المحل يستخدم الزيت طوال اليوم فى قلي مختلف أنواع المقليات من بطاطس و طعمية " فلافل" و باذنجان و غيرها من الأطعمة ..و أيضاً محالات قلي الأسماك و أى مكان يقدم وجبات فيها مأكولات مقلية و هو ما يعرض حياة الملايين للخطر بشكل يومى و دون أدنى رقابة !!


فإذا كان كل هذا الخطر موجود فى الزيت العادى إذا أعيد استخدامه فى القلي أكثر من مرة, فما بالكم إذاً بهذه الدهون غير المشبعة و ما تحتويه من مركبات كيتونية و استخدامها فى قلى المأكولات بمطاعم الوجبات السريعة مثل كنتاكى و ماكدونالدز و مثيلاتها ؟!! .. هل عرفتم الآن سر البدانة المفرطة التى يعانى منها غالبية شعوب العرب؟.. و ماذا عن السرطان؟.. أظن أن الإجابة باتت واضحة الآن !!


إن ما يحدث فى أسواقنا هو فضيحة صحية بكل المقاييس, إذ تُغمض وزارات الصحة أعينها عن هذه التجاوزات الصارخة لمعايير الصحة العالمية و تتسبب بذلك فى تعريض صحة الشعوب العربية للخطر الداهم

فوزارات الصحة فى البلاد الأوروبية والغرب بصفة عامة لا تتوانى فى اتخاذ أشد الإجرائات صرامة و أكثرها حزماً حيال كل ما يُعرض صحة المواطن الغربى للخطر .. أما نحن العرب فلا ثمن لصحتنا !!

و كما نلاحظ جميعاً فإن الإصابة بمرض السرطان صار شائعاً و بمعدلات مرتفعة جداً فى بلادنا العربية مقارنة ببلاد الغرب نتيجة هذا الانحطاط الكبير فى الضمير لدى المستثمرين ووزارات الصحة العربية هذا بالإضافة إلى قلة وعي الناس بهذه الأضرار الجسيمة و لذا فقد وجب التنبيه و التحذير منها.

لا تصدقوا كذب الإعلانات و انتبهوا لصحتكم فالوقاية خير من العلاج .. و مصاريفه الباهظة!

لتكن لنا وقفة جادة .. وقفة لا تقتصر على عدم تناول هذه السموم.. بل التحذير من خطرها ونشر المعلومات بين الناس .. حملة ضد جشع المستثمرين و إتجارهم بصحة الشعوب العربية .. الشعوب التى لا تقل كرامة و عن نظريتها الأوربية..