دهش الباحثون حديثا حينما اكتشفوا أن سكان جزيرة كريت في البحر المتوسط هم أقل الناس إصابة بأمراض القلب والسرطان في العالم أجمع . ودهشوا أكثر حينما عرفوا أن أهالي جزيرة كريت يستهلكون زيت الزيتون أكثر من أي شعب آخر ، فحوالي 33 % من السعرات الحرارية التي يتناولونها يوميا تأتي من زيت الزيتون . فما علاقة زيت الزيتون بذلك ؟ وما هي فوائده الصحية والعلاجية؟
خلصت تجارب أجريت في المعمل إلى أن خليطا من مركبات تسمى فينولات تستخرج من زيت الزيتون السلاف (أول عصرة) يمنع عملية تصبح فيها خلايا القولون سرطانية.
وقال الدكتور كريس اي .ار. جيل وزملاؤه من جامعة الستر في ايرلندا الشمالية في البحث الذي نشر في الدورية العالمية للسرطان » يعتبر زيت الزيتون مسؤولا جزئيا عن الطبيعة الايجابية لما يسمى (النظام الغذائي في البحر المتوسط) وتدعم نتائجنا هذا الرأي وتقدم اليات محتملة لطريقة عملها.
وبما أن القولون يعتبر أحد أجزاء الجسم الرئيسية التي يعتقد أن زيت الزيتون يحميها من السرطان فقد درس الباحثون الاثار المحتملة المضادة للسرطان في فينولات زيت الزيتون السلاف (أول عصرة) على خطوط خلايا مستنبتة تستخدم علي نطاق واسع كنماذج لسرطان القولون والمستقيم.
واكتشف الباحثون ان وضع خط من الخلايا السرطانية في تركيزات عالية لفينولات زيت الزيتون لمدة 24 ساعة يحمي الخلايا من تدمير الحمض النووي (دي.ان.ايه.).
أما اثر فينولات زيت الزيتون على خط خلايا اخر بعد تعريضها لمدة 48 ساعة فبدت كما لو أنها تضع مثبطا في طريق التسرطن.
ورصد فريق جيل أيضا انخفاضا كبيرا في انتشار خلايا سرطان القولون مع اضافة فينولات زيت الزيتون.
وختم الفريق عرض دراستهم قائلين أظهرنا ان الفينولات المستخرجة من زيت الزيتون السلاف قادرة على كبح مراحل متعددة من سرطنة القولون في أنبوب المختبر..المرحلة التالية هي تقييم الاثار في نماذج حيوانية مناسبة.
زيت الزيتون وكوليسترول الدم :
حتى عام 1986 كانت الكتب الطبية تقول بأن زيت الزيتون لا يؤثر على كوليسترول الدم ، فلا يزيده ولا ينقصه .
ولكن الأبحاث العلمية الحديثة جدا قد أظهرت أن زيت الزيتون ينقص مستوى كولسترول الدم .
وليس هذا فحسب بل إنه لا ينقص من مستوى الكوليسترول المفيد في الدم . ومن الثابت علميا أنه كلما ارتفع مستوى هذا النوع من الكولسترول ، قلت نسبة الإصابة بجلطة القلب .
وقد أظهرت دراسة نشرت عام 1990 في مجلة جاما الأمريكية الشهيرة أن مستوى ضغط الدم ، وسكر الدم ، والكوليسترول كان أقل عند الذين كانوا يكثرون من تناول زيت الزيتون . وقد أجريت تلك الدراسة على أكثر من مئة ألف شخص .
زيت الزيتون ومرض السكري :
ينجم مرض السكر عن نقص أو غياب في إفراز الأنسولين من البنكرياس ، مما يؤدي إلى زيادة مستوى السكر في الدم وقد أوصى الاتحاد الأمريكي المصابين بمرض السكر بتناول حمية تعطى فيه الدهون بنسبة 30 % من الحريرات على ألا تتجاوز نسبة الدهون المشبعة ( كالدهون الحيوانية ) عن 10 % . وأن تكون باقي الدهون على شكل زيت زيتون وزيت ذرة ، أو زيت دوار الشمس .
زيت الزيتون وارتفاع ضغط الدم :
أجرى الدكتور " ويليامز " من جامعة ستانفورد الأمريكية دراسة على 76 شخصا غير مصاب بأية أمراض قلبية لمعرفة تأثير زيت الزيتون على ضغط الدم .
فوجد الباحثون أن ضغط الدم قد انخفض بشكل واضح عند الذين تناولوا زيت الزيتون في غذائهم اليومي . وكان انخفاض ضغط الدم أشد وضوحا عند الذين تناولوا 40 جراما من زيت الزيتون يوميا .
فوائد أخرى لزيت الزيتون :
ذكرت دائرة المعارف الصيدلانية الشهيرة " مارتندل " أن زيت الزيتون مادة ذات فعل ملين لطيف ، ويعمل كمضاد للإمساك . كما أن زيت الزيتون يلطف السطوح الملتهبة في الجلد ، ويستعمل في تطرية القشور الجلدية الناجمة عن الأكزيما وداء الصدف .
ماذا قالوا عن زيت الزيتون :
يقول الدكتور " أهرنس " من جامعة كوفلر بنيويورك : " إننا ندرك تماما أن استعمال سكان حوض البحر المتوسط لزيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون في الغذاء هو السبب وراء ندرة مرض شرايين القلب التاجية عندهم " .
ويقول الدكتور " ويليام كاستللي " مدير دراسة فارمنجهام الشهيرة :
" إن هناك زيتا واحدا يتمتع بأطول سجل من سلامة الاستعمال في التاريخ هو زيت الزيتون . فلقد تناول زيت الزيتون أجيال وأجيال ، وامتاز هؤلاء بصحة الأبدان وندرة جلطة القلب عندهم . وهذا السجل الحافل بمآثر زيت الزيتون يجعلنا نطمئن لاستعماله ، ونقبل عليه بشغف كبير " .
وينبه الدكتور كاستللي إلى فوائد استعمال زيت الزيتون في حوض البحر المتوسط فيقول :
" رغم أن الناس في حوض البحر المتوسط يتناولون بعض الدهون المشبعة ( السيئة ) المتوافرة في لحم الخروف والقشدة والسمن والجبن ، إلا أنهم يستعملون زيت الزيتون بشكل رئيسي في طهي الطعام . وهذا ما يجعل أمراض شرايين القلب التاجية قليلة الحدوث عندهم " .
ويقول أيضا : " إن أفضل طريقة لطهي الطعام وتحضير المأكولات هي باستعمال زيت الزيتون بشكل أساسي ، واستعمال كميات قليلة من زيت الذرة أو دوار القمر ( دوار الشمس ) . فالجسم لا يحتاج إلا إلى كميات قليلة من النوعين الأخيرين " . ويمتاز زيت الزيتون بغناه بالدهون الغير مشبعة .